الشاهدُ فيه قَولُهُ:(بَهْرًا)، وهو على ما فَسِّرَهُ سيبويه بمعنى تَبًّا، وهو بَدَلٌ من اللفظِ بالفِعلِ والتَقديرُ بُهِروا بَهْرًا، ويقال: معناه هنا غَلَبَةً لهم وقَهْرًا، أيْ: غُلِبوا وقُهِروا، ومنه قَولُهم: القَمَرُ الباهِرُ لغَلَبَةِ نُورِهِ.
يقول: فَقَدَ بَعضُ قَومي بعضًا، حيثُ لم يُعينوني على جاريةٍ شُغِفْتُ بحُبِّها، وعَرَّضوني لتَلَفِ مُهْجَتي حُبًّا لها، فَغُلِبوا غَلَبَةً وقَهَرَهم العَدُوُّ قَهْرًا. وقولُه: بَعدَها، أيْ: بَعدَ هذه الفعلَةِ.
الشاهدُ فيه رَفْعُ (خَيْبَةٍ) بالابتداءِ، وهو نكرةٌ لِما فيها من معنى النَصْبِ على المصدرِ المَدْعُوِّ به على ما بَيَّنَهُ سيبويه، ولم يُرِدْ به الدُعاءَ في الحقيقةِ، ولكنّه أَمْرٌ مُتَوَقَّعٌ مُنْتَظَرٌ، فهو كالدُعاءِ في هذا، وحُكمُهُ كحُكْمِهِ في جَوازِ الرَفعِ والنَصبِ.
وَصَفَ، أسدًا، ومعنى أَقْوَى نَفِدَ ما عندَهُ من زادٍ، يقال: أَقْوَى الرجُلُ إذا نَفِدَ [زادُهُ](٦٤٨)، وأَقْوَى إذا صارَ في القَواءِ وهو القَفْرُ، فيقول: مَنْ لَقِيَ هذا الأسَدَ في هذه الحالِ فالخَيبةُ له والشَرُّ.
(٦٤٦) الكتاب ١/ ٢٥٧، شعره: ٤٩، وروايته فيه: فَبَهْرًا لقومي. . . بغانِيَةٍ وابن مَيّادة مِن بني مُرّة، وهو شاعرٌ من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. (الشعر والشعراء: ٧٧١، المؤتلف والمختلف ١٨٠، الخزانة ١/ ٧٧). (٦٤٧) الكتاب ١/ ١٥٧، شعره: ٦١، وروايته فيه: وغيُّ مُيَسَّرُ (٦٤٨) في ط: نَفِدَ ما عندَهُ من زادٍ.