الشاهدُ فيه نَصبُ (التَلَدُّدِ) بإضمارِ المُلابَسَةِ، إذْ لم يُمكِنْ عَطْفُهُ على المُضمَرِ المجرورِ، وقد كانَ النَصبُ فيما يُمكِنُ فيه النَصبُ من نَحْو قولك: ما أنتَ وزيدًا جائزًا فصارَ هنا لازِمًا.
يقول: مالَكَ تُقِيمُ بنَجْدٍ وتَتَرَدَّدُ فيها مع جَدْبِها وتَتركُ تِهامَةَ مع لَحاقِ الناسِ بها لِخِصْبِها. والتَلَدُّدُ: الذَهابُ والمَجيءُ حَيْرَةً، والتَلَدُّدُ أيضًا التَلَفُّتُ (٦٤٣)، وأصلُهُ من اللَّدِيدَينِ وهُما صَفْحَتا العُنُقِ. ومعنى غَصَّتْ تَمَلأتْ، وأصلُ الغَصَصِ الاختِناقُ بالطَعامِ، فضَرَبَهُ (٦٤٤) مَثَلًا.
وأنشد في البابِ "في مِثْلِه"(٦٤٥):
[٢٤٣] وما لَكُمُ والفَرْطَ لا تَقْرَبُونَهُ … وقد خِلْتُهُ أَدْنَي مَرَدٌّ لعاقِلِ
الشاهدُ فيه نَصْبُ (الفَرْطِ) على ما تَقَدَّمَ.
والفَرْطُ هنا اسمُ جَبَلٍ. والعاقِلُ: الصاعدُ فيه، يقول: لِمَ لا تَقرَبونَ هذا الموضعَ مع حَصَانَتِهِ ورَدِّهِ عَمَّن عَقَل فيه وتَحْرَّزَ به.
وأنشد في بابٍ ترجَمَتُه: هذا بابُ ما يَنتصبُ من المصادرِ على إضمارِ الفِعلِ غَيرِ
(٦٤٢) الكتابة ١/ ١٥٥، ديوانه ٦٦، ورواية الصدر فيه: أتُوعِدُني وأنتَ بذاتِ عِرْقٍ، ولا شاهد فيه على هذه الرواية. ومسكين هو ربيعة بن عامر بن أُنيف، وهو شاعر إسلامي شجاع من أهل العراق. (الشعر والشعراء: ٥٤٤، معجم الأدباء ٤/ ٢٠٤، الخزانة ١/ ٤٦٧). (٦٤٣) في ط: التَلَبُّثُ. (٦٤٤) في ط: فضرب به. (٦٤٥) لعبدِ مَنَاف بن رَبْع الهذلي في ديوان الهذليين ٢/ ٢٦، وفيه: أَدْنَى مَآبٍ لعاقِلِ، وهو بلا عزو في الكتاب ١/ ١٥٥.