الشاهِدُ فِي قَوْلِهِ: (خَولَانٌ فَانْكِحْ فَتَاتَهم)، فَرَفْعُ خَوْلَان عِنْدَهُ عَلَى مَعْنَى هَؤُلَاءِ خَوْلَانُ، لِامْتِنَاعِهِ مِن أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَالْفَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى خَبَرِهِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ زَيْدٌ فَمُنْطَلِقٌ عَلَى الابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ.
وَالْقَوْلُ عِنْدِي إن رَفْعَهُ عَلَى الابْتِدَاء، وَالْخَبَرُ فِي الْفَاءِ وَمَا بَعْدَهَا لِأَنَّهُ فِي معنى الْمَنْصُوب إذَا قُلْت: خَوْلَانَ فَانْكِحْ فَتَاتَهم، وَالْفَاء دَاخِلَةٌ عَلَى فِعْلِ الْأَمْرِ دَلَالَةٌ عَلَى تَعَلقِهِ بِأَوَّل الْكَلَام، لِأَنّ حُكْمَ الْأَمْرِ أَنْ يُصْدِّرَ بِه، فَمِنْ حَيْثُ جَازَتِ الْفَاءُ مَعَ النَّصْبِ جَازَتْ مَعَ الرَّفْع، وَلَوْ جَازَ زَيْدًا، فَضَرَبْتُ لِجَازَ زَيْدٌ فَضَرَبْتُه، وَقَدْ بَيَّنْتُ عِلَّةً هَذَا فِي كتاب "النُّكَت" (٢٩٠).
يَقُول: رُبَّ قَائِلةٍ حَضَّتني عَلَى نِكَاحِ هَذِه الْمَرْأَةِ مِنْ خَوْلَان وَهِيَ قَبِيلَةٌ مِنْ مَذْحِجٍ، وَالْأكْرَمَةُ: اسْمٌ للغَرَمِ كالأحْدوثَةِ اسْم لِلْحَدَث، فَوَصْفَ الْمَرْأَةَ بِهِ عَلَى معنى ذَات أُكْرومَةٍ، وَوَضَعَهَا مَوْضِعَ كَرِيمَةٍ، وَنَسَبَهَا إلَى الْحَيَّين كَأَنَّهُ يُرِيدُ حَيّ أَبِيهَا وَحَيّ أُمِّهَا، وَالْخِلْوُ: الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا، وَقَوْلُه: كَمَا هِيَ، أَي: كَمَا عُهِدَتْ بِكْرًا فِي أَوَّلِ حَالِهَا.
وأنشد فِي الْبَابِ لِعَدِيِّ بْنِ زيد (٢٩١):
[١٠٣] أَرْوَاحٌ مُوَدَّعٌ أَمْ بُكُورٌ … أَنتَ فَانْظُرْ لِأَيّ حَالٍ تَصِيرٌ
الشاهِدُ فِي قَوْلِهِ: (أَنْت فانْظُرْ)، وَتَقْدِيُرِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ (أنتَ) مَحْمُولًا عَلَى فِعْلِ مُضْمَرٌ يُفسِّرهُ مَا بَعْدَهُ، فَيَكُون في المرفوع عَلَى حَدَّهِ فِي الْمَنْصُوب إذَا قُلْت: زَيْدًا فَأَضْرِبُه.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي، أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ مُضْمَرٌ، وَالتَّقْدِيرُ أَنْت الهالكُ
(٢٩٠) ينظر: النكت: ٢٦٦.(٢٩١) الكتاب ١/ ٧٠، وفيه: لأيّ ذاك، ديوانه ٨٤، ورواية العجز فيه:لكَ فاعْلَمْ لأيِّ حالٍ تصيرُوعَدِيّ شاعرٌ جاهليٌّ فصيح سكَن الحِيرَةَ فَلانَ لِسَانُهُ، وكانَ نَصرانيا. (طبقات فحول الشعراء: ١٤٠، الشعر والشعراء: ٢٢٥، معجم الشعراء: ٨٠، الخزانة ١/ ١٨٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute