كعِلَّةِ ما قبلَهُ لأنَّ النونَ فيه بمنزلةِ التنوينِ في واحِدِه وكلاهما (٣٢٧) يمنَعُ من الإضافةِ ويُوجِبُ نَصْبَ ما بعدَهُ.
يَهْجو قَومًا ويَنسُبُهم إلى الشُؤمِ وقِلَّةِ الصَلاحِ والخَيرِ فيقول: لا يُصلِحونَ أَمْرَ العَشيرةِ إذا فَسدَ ما بينهم، ولا يأتمِرونَ لخيرٍ فَغُرابُهم لا يَنعبُ إلَّا بالتَشْتيتِ والفِراقِ، وهذا مَثَلٌ للتَطَيُّر منهم والتَشَؤُّمِ بهم، والنَعيبُ: صوتُ الغُرابِ ومَدُّهُ (٣٢٨) عُنْقَهَ عند ذلك، ومنه ناقَةٌ نَعُوبٌ ومِنْعَبُ؛ إذا مَدَّتْ عُنُقَها في السَيرِ.
الشاهِدُ فيه حَذْفُ التَنوينِ من (عادِلٍ) استخفافًا وإضافَتُهُ إلى ما بعدَهُ وتنكيرُه (٣٣٠) وإنْ كان مُضافًا إلى معرفةٍ لما يُنْوَى فيه مِنَ التنوين، والتقدير أَتانِي عادِلًا وَطْبَهُ.
هَجا رجلًا وجَعَلَه راعِيًا فيقول: أَتاني راكبًا على راحِلَةٍ قَعْساءَ وهي المُحْدَوْدِبَةُ من الهُزالِ قد عَدَلَ وَطْبَهُ وهو زِقُّ اللَّبَن باسْتِهِ ورِجْلَيهِ؛ أي: جَعَلهما عَدْلًا له.
وقد قيلَ: أرادَ بالقَعْساءِ أَتَانًا، والأوَّلُ أَولَى لذِكرِه الوَطْبَ؛ لأنَّ الراعي إنَّما يَرتحِلُ من الإبِلِ التي يَرْعاها.
(٣٢٧) في ط: وكل. (٣٢٨) في ط: ومدّ. (٣٢٩) الكتاب ١/ ٨٤، شرح ديوانه ٣٧، وفيه: بِرِجْلَي هَجِينٍ. (٣٣٠) في ط: وتنكره. (٣٣١) البيتُ له في: الكتاب ١/ ٨٤، النكت ٢٨٦، ونُسِب إلى أبي ثَروان أو المَعْلوط بن نَدَل في شرح أبيات سيبويه ١/ ٢٠٦. والزبرقان هو قيس بن بدر بن امرئ القيس من تميم، كان سيد قومه في الجاهلية، عظيم القدر في الإسلام، توفي في أيام معاوية. (المؤتلف ١٨٧، الخزانة ١/ ٥٣١).