إلّا كَمُعْرِضٍ المُحَسُرِ بَكْرَهُ … عَمْدًا يُسَبِّبُني على الظُلْمِ
الشاهدُ في قَولِهِ:(إلّا كَمُعْرضٍ)، والقولُ فيه كالقَولِ في الذي قَبلَه.
يَقولُ هذا لرَجُل سَبَّهُ (١٣١٢) وَلَهُ مِن الأميرِ مكانَةٌ، فَلَمْ يُقْدِمْ على سَبِّهِ والانتصارِ منه لمكانَتِهِ، ثُمَّ استَثْنَى رَجُلًا آخَرَ يُقالُ له: مُعْرِضٌ فَجعَلَه مِمَّنْ يُباحُ له شَتْمُهُ والانتصارُ منه لِسَبِّهِ [إيّاه ظالمًا له](١٣١٣) فيقول للأوّل: لولا ابنُ حارثَةَ الأميرُ ومكانُكَ منه فأَغْضَيْتَ من شَتْمي على رَغْمٍ وَهَوانٍ، ولكنَّ مُعْرِضًا المُحَسِّرَ بَكْرَهُ والجادَّ في سَبِّي مُبَاحُ لي سَبُّهُ لِسَبِّهِ لي. والمُحَسِّرُ: المُتْعِبُ، والحَسِيرُ: المُعْيِي. والبَكْرُ: الفَتِيُّ من الإبِلِ، وهو لا يُحْتملُ الإتْعابَ والتَحْسِيرَ لضَعْفَهِ، فَضَرَبَهُ مَثَلًا في تَقْصيرِهِ عن مُقاوَمَتِهِ في المسَابَّةِ والمُهاجاةِ. ومعنى يُسَبِّبُني يُكْثِرُ سَبِّي.
وأنشد في بابٍ ترجَمَتُه: هذا بابُ ما تكونُ فيه أنَّ وأنْ مع صِلَتهما بمنزلةِ غَيرِهما من الأسماء، لرَجُلٍ من كنانَةَ (١٣١٤):
(١٣١١) البيتان بلا عزو في الكتاب ١/ ٣٦٨، وهما للنابغة الجعدي في شعره: ٢٣٤. (١٣١٢) في طـ: شَتَمَهُ (١٣١٣) في ط: لشَتْمِهِ إيّاه ظُلْمًا له. (١٣١٤) البيتُ بلا عزو في الكتاب ١/ ٣٦٩، وهو لأبي قيس بن الأسلت في ديوانه ٨٥.