الشاهِدُ فيه رَفْعُ (الضارعِ) بإضمارِ فِعْلٍ دَلَّ عليه ما قَبلَه؛ لأنَّه لمَّا قال: لِيُبْكَ مزيدُ، عُلِمَ أنَّ ثَمَّ باكيًا [يَبْكيه] يَجبُ بُكاؤُهُ عليه كأنّه قال: لِيَبْكِهِ (٦٠٣) ضارعٌ خُصُومَةٍ. ومُخْتَبِطٌ مُحتاجٌ.
وَصَفَ أنَّه كانَ مُقيمًا لحُجَّةِ المَظلومِ ناصرًا له ومُواتِيًا للفقير المُحتاجِ مُفْضِلًا عليه. والضارعُ: الذَليلُ الخاضعُ. والمُخْتَبِطُ: الطالبُ المعروفِ، وأصلُ الاختِباطِ ضَرْبُ الشَجَرِ للإبِلِ ليَسقُطَ وَرَقُها فتعلفهُ [الإبِلُ]. ومعنى تُطِيحُ تُذْهِبُ وتُهْلِكُ، قَال: أطاحَتْهُ السنونُ إذا ذَهَبَتْ به في طَلَبِ الرِزقِ وأَهْلكَتُهُ (٦٠٤)، وكانَ ينبغي أنْ يقول: المَطاوِحُ لأنَّه جَمعُ مُطِيحَةٍ، فجَمَعَهُ على حذف الزيادةِ كما قال جَلَّ وعَزَّ: وأرسَلْنا الرياحَ لَواقِحَ" (٦٠٥) واحدَتُها مُلْقِحَةٌ.
وأنشد في البابِ (٦٠٦):
[٢٢٦] وَجَدْنا الصالحينَ لهم جَزاءٌ … وجَنَّاتٍ وعَيْنًا سَلْسَبِيلا
الشاهِدُ فيه حَمْلُ (الجَنَّاتِ والعَيْنِ) على المعنى، ونَصْبُهما بإضمارٍ فِعلٍ كما تقدَّمَ، والتقديرُ وَجَدْنا لهم جَنَّاتٍ وعَيْنًا سَلْسَبِيلا. والسَلْسَبيلُ: السلسُ العَذبُ. ولو نسبَ الجَزاءَ على ما تَقَدَّمَ لجازَ على قُبْحِهِ؛ لأنَّه داخِلٌ في الوجْدانِ.
وأنشد في البابِ (٦٠٧):
[٢٢٧] أَسقَى الإلهُ جَنَباتِ الوادِي
وجَوْفَهُ كُلّ مُلِثٍّ غادي
(٦٠٣) في ط: ليبك. (٦٠٤) في ط: أو أهلكَتَهُ. (٦٠٥) الحجر: ٢٢. (٦٠٦) البيت لعبد العزيز الكلابي في الكتاب ١/ ١٤٦، وبلا عزو في: المقتضب ٣/ ٢٨٤، شرح أبيات سيبويه ١/ ٢٨٣، دقائق التصريف ٥٠٥، ما يجوز للشاعر في الضرورة: ٢٠٧، النكت ٣٥٤. (٦٠٧) الشاهِدُ لرؤبة في ملحقات ديوانه ١٧٣، المقاصد النحوية ٢/ ٤٧٥، وبلا عزو في: الكتاب ١/ ١٤٦ وفيه: عُدُوات الوادي، الخصائص ٢/ ٤٢٥، المحصب ١/ ١١٧، الأشموني ٢/ ٥٠.