وقيل: تستحب له الطهارة، ولا تجب. قال البيهقي: اختارها العراقيون (٢)، وهو مذهب الظاهرية (٣)، واختيار ابن المنذر (٤).
• أدلة الجمهور على اشتراط الطهارة:
[الدليل الأول]
من الكتاب قوله تعالى:(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ (٧٨) لَاّ يَمَسُّهُ إِلَاّ الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة: ٧٧ - ٧٩]، فالآية خبر بمعنى النهي، أي لا يمس المصحف إلا المطهر: والمطهر هو المتطهر من الحدث الأصغر والأكبر، ومنه الحيض.
• وأجيب:
بأن المراد بالمطهرون الملائكة. والضمير في قوله:(لَاّ يَمَسُّهُ) يعود إلى أقرب مذكور، وهو الكتاب المكنون.
وهذا قول ابن عباس (٥)، وقال مالك: «أحسن ما سمعت في هذه الآية (لَا
(١) قال في مجموع الفتاوى (٢١/ ٢٦٦): «قال الإمام أحمد: لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه له، وهو أيضًا قول سلمان الفارسي، وعبد الله بن عمر، وغيرهما، ولا يعلم لهما من الصحابة مخالف». (٢) الخلافيات للبييهقي (١/ ٤٩٧). (٣) المحلى (مسألة ١١٦). (٤) الأوسط (٢/ ١٠٣). (٥) انظر تفسير الطبري (١١/ ٦٥٩)، وأحكام القرآن - الجصاص (٥/ ٣٠٠)، تفسير ابن كثير (٤/ ٢٩٩)، وتفسير السيوطي (٨/ ٢٦)، وفي معنى المطهرون أقوال: فقيل: المراد بهم الملائكة، فيكون المقصود بالمطهرين: أي المطهرين من الذنوب. وقيل: المطهرون من الأحداث والأنجاس. وقيل: المطهرون من الشرك. وقيل: معنى: لا يمسه: أي لا يقرؤه إلا المطهرون: أي إلا الموحدون. وقيل: المراد: لا يجد طعمه ونفعه وبركته إلا المطهرون: أي المؤمنون بالقرآن، قاله ابن العربي، وهو اختيار البخاري، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيًا. وقيل: لا يعرف تفسيره إلا من طهره الله من الشرك، والنفاق. وقيل: لا يوفق للعمل به إلا السعداء. وقيل: لا يمس ثوابه إلا المؤمنون. انظر تفسير القرطبي (١٧/ ٢٢٦)، وزاد المسير (٨/ ١٥٢)، فتح القدير (٥/ ١٦٠)، تفسير أبي السعود (٨/ ٢٢).