(١٥٠٨ - ٢٥٠) ما رواه مسلم من طريق أبي معشر، عن إبراهيم، عن علقمة والأسود،
أن رجلًا نزل بعائشة، فأصبح يغسل ثوبه، فقالت عائشة: إنما كان يجزئك إن رأيته أن تغسل مكانه، فإن لم تر نضحت حوله، ولقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركًا فيصلي فيه.
وجه الاستدلال:
قال القرطبي: وهذا من عائشة يدل على أن المني نجس، وأنه لا يجزئ فيه إلا غسله، فإنها قالت: إنما: وهي من حروف الحصر، ويؤيد هذا ويوضحه قولها: فإن لم تر نضحت حوله، فإن النضح إنما مشروعيته حيث تحققت النجاسة، وشك في الإصابة، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث أصبح يغسل جنابة من ثوبه، فقال: أغسل ما رأيت وأنضح ما لم أر (١).
فإن قيل: ألم تقل: ولقد رأيتني أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركًا، فيصلي فيه، ألا يدل هذا على طهارته؟
قيل: لا يدل؛ لأن النجاسة تزال بأي مزيل، والفرك في حق النجاسة اليابسة كاف في تطهيرها، كما كانت طهارة النعل بدلكه في الأرض، وسنذكره إن شاء الله مخرجًا في أدلة القول الثاني.
[الدليل الثالث]
قالوا: إن المني فضلة مستحيلة عن الغذاء، يخرج من مخرج البول، فكانت نجسة كالبول، ولا يرد علينا البصاق والمخاط والدمع والعرق؛ لأنها لا تخرج من مخرج البول (٢).