أجزاء، فاختلفوا في هذه الأبواب كلها الآتية على أربعة أقوال:
الأول: ما قالته الشرَّاح: إن المقصود من هذه الأبواب كلها الاستدلال على زيادة الإيمان بنفسه، وكون الإيمان مركبًا.
والثاني: قول الشيخ في "اللامع"(١) إذ قال: إن البحث في ذلك قد انبرم، ومقصود هذه الأبواب تفصيل بعض مقتضيات الإيمان والآثار.
والثالث: مقتضى كلام شيخ الهند أن المقصود من هذه الأبواب الرد على المرجئة وإثبات مسلك السلف، كما تقدم في كلامه - رحمه الله - مفصلًا.
والرابع: أن المقصود أن لفظ الخمس في حديث: "بني الإسلام على خمس" ليس للحصر، وإنما بسط المصنف في الرد على المرجئة؛ لأن مسلكهم يبطل الأعمال كلها، بخلاف مسلك الخوارج فإن مسلكهم يشدِّد في أمر الأعمال.
(وقول الله - عز وجل -: {لَيْسَ البِرَّ}[البقرة: ١٧٧]) إلخ، قال القسطلاني (٢): والآية جامعة للكمالات الإنسانية بأسرها، فإنها بكثرتها منحصرة في ثلاثة: صحة الاعتقاد، وحسن المعاشرة، وتهذيب النفس، وإليه أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"من عمل بهذه الآية فقد استكمل الإيمان"، وهذا وجه استدلال المؤلف بهذه الآية، وفي حديث أبي ذر بسند صحيح أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان، فتلا هذه الآية، انتهى.
وكتب الشيخ في "اللامع"(٣): {لَيْسَ البِرَّ} أي: الإيمان؛ لأنه أعلى البر، وكذلك في قوله:{وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ}[البقرة: ١٧٧]، وأنت تعلم ما فيه، فإن العطف يقتضي المغايرة كما هو أصله إلا بدليل يقوم على خلافه، فكان المعطوف على الإيمان مغايرًا له لا داخلًا فيه، إلا أن يقال: جعل الإيمان نوعين: كاملًا: وعَبَّر عنه بالبر، وهو الإيمان وما عطف عليه،