أحكام أخر، وأيضًا الحدود من حقوق الله تعالى، والقصاص والديات من حقوق العباد.
(٤ - باب إذا قتل بحجر أو بعصًا)
قال القسطلاني (١): أي: هل يقتل بما قتل به أو بالسيف.
وقال الحافظ (٢): كذا أطلق ولم يبتّ الحكم إشارةً إلى الاختلاف في ذلك، ولكن إيراده الحديث يشير إلى ترجيح قول الجمهور، فإن حديث الباب حجة للجمهور، وخالف الكوفيون فاحتجوا بحديث:"لا قود إلا بالسيف" إلى آخر ما ذكر.
قلت: لا شكَّ في أن الحديث المذكور في هذا الباب حجة للجمهور في هذه المسألة، لكن الأوجه عندي: أن المصنف لم يذكر هذه المسألة ههنا، بل الغرض الذي ذكره الشرَّاح ههنا هو عندي غرض الترجمة الآتية قريبًا، يعني: من قوله: "باب من أقاد بحجر"، وأما المقصود من هذه الترجمة فهي الإشارة إلى مسألة أخرى خلافية، وهي اختلافهم في أنواع القتل، فمذهب الإمام مالك أن القتل نوعان: قتل العمد، وقتل الخطأ، وشبه العمد ليس بشيء عنده، بل هو داخل في العمد، وقال الجمهور: على ثلاثة أنواع: العمد، وشبه العمد، والخطأ، والمصنف مال في هذه المسألة إلى مذهب مالك، ولذا ترجم بقوله:"باب إذا قتل بحجر أو بعصًا".
قال صاحب "الهداية"(٣): فالعمد: ما تعمد ضربه بسلاح أو ما أجري مجرى السلاح كالمحدد من الخشب، وشبه العمد عند أبي حنيفة: أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح، ولا ما أجري مجرى السلاح، وقال أبو يوسف ومحمد وهو قول الشافعي: إذا ضربه بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة فهو عمد، وشبه العمد: أن يتعمد ضربه بما لا يقتل به غالبًا كالعصا الصغيرة، انتهى.