والظاهر عندي: أن ميل الإمام البخاري إلى أن إيفاء الوعد واجب؛ فإنه ترجم في "كتاب الشهادات": "باب من أمر بإنجاز الوعد" كما سيأتي هناك.
[(١٩ - باب كيف يقبض العبد والمتاع؟)]
أي: الموهوب، والترجمة في الكيفية لا في أصل القبض، وكأنه أشار إلى قول من قال: يشترط في الهبة حقيقة القبض دون التخلية، وسأشير إليه بعد ثلاثة أبواب، قال ابن بطال (١): كيفية القبض عند العلماء بإسلام الواهب لها إلى الموهوب وحيازة الموهوب لذلك، قال: واختلفوا هل من شرط صحة الهبة الحيازة أم لا؟ وقول الجمهور إنها لا تتم إلا بالقبض، وهو قول الشافعي في الجديد، وفي القديم - وبه قال داود - تصح بنفس العقد وإن لم تقبض، وعن أحمد: تصح بدون القبض في العين المعينة دون الشائعة، وعن مالك كالقديم لكن قال: إن مات الواهب قبل القبض وزادت على الثلث افتقر إلى إجازة الوارث، انتهى من "الفتح"(٢) بزيادة من "القسطلاني"(٣).
قلت: المسألة التي ترجم بها الإمام البخاري كما تقدم عن الحافظ، هي مسألة كيفية القبض، كما تقدم.
وكتب الشيخ في "اللامع"(٤): لعل المؤلف قصد بذلك أن ما قال بعضهم: إن قبض الضمان لا ينوب عن قبض الأمانة غير مسلم، وأن الواجب هو القبض المطلق كيف ما كان: قبض أمان أو قبض ضمان، حتى إن قبض ابن عمر كان قبض أمانة حين هو راكب عليه وهو مملوك لعمر، ثم صارت قبضته قبضة ضمان حين ملكه النبي - صلى الله عليه وسلم - وعبد الله راكبه، ثم لما وهبه النبي - صلى الله عليه وسلم - إياه صار قبضه قبض أمانة وأنت تعلم ما فيه، انتهى.