أحدهما: أن المتبايعين إذا كان لأحدهما خيار الشرط فقد وجب البيع وانعقد السبب وإن تأخر المسبب والحكم إلى ما بعد إسقاط الخيار أو انقضاء الأجل، وهذا إذا أريد بقوله:"أو يخير أحدهما الآخر" شرط الخيار.
وثانيهما: أن يراد بالترجمة أن المتبايعين إذا قال أحدهما لصاحبه في أثناء المبايعة: اختر لنفسك القبول أو الرد فاختير البيع والقبول لا الرد فإن البيع واجب حينئذٍ ويثبت الحكم وهو الملك غير متراخ، وهذا إذا حمل قوله:"أو يخير أحدهما الآخر" على هذا المعنى فمعنى قوله في الرواية: "فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع" مختلف باختلاف معنى قوله: "أو يخير"، انتهى. واختار الشرَّاح الاحتمال الثاني من هذين الاحتمالين.
[(٤٦ - باب إذا كان البائع بالخيار. . .) إلخ]
كأنه أراد الرد على من حصر الخيار في المشتري دون البائع فإن الحديث قد سوى بينهما في ذلك، وقال في موضع آخر: قال الثوري: يختص الخيار بالمشتري ويمتد له إلى عشرة أيام فأكثر، ويقال: إنه انفرد بذلك، انتهى من "الفتح"(١).
(٤٧ - باب إذا اشترى شيئًا فوهب من ساعته)
كتب الشيخ في "اللامع"(٢): كأنه قاس على الهبة البيع فكما جازت هبة المشتري قبل قبضه فكذلك البيع، وإنما منعه أبو حنيفة رحمه الله تعالى لقوله عليه الصلاة والسلام:"لا تبع ما ليس عندك" ولورود النهي عن بيع الطعام قبل القبض، وقد قال ابن عباس:"أحسب كل شيء مثله" مع أن العلة وهي كون المبيع مظنة الهلاك يشمل كل شيء إلا العقارات فوجب