من النظر إلى المقترنات، انتهى ما في هامش "اللامع"، وتقدم كلام شيخ الهند على ذلك في الباب السابق.
والجملة أنهم اختلفوا في غرض الترجمة على خمسة أقوال:
الأول: أن الغرض إثبات فضل الفهم في العلم، أي: العلوم، وهو الذي جزم به الحافظ، واختاره شيخ الهند، وهو ظاهر من حديث الباب من جهة أن ابن عمر استخرج من فهمه ما أراده النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأولى أنه شيء ذو فضيلة لما كان في استخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - فائدة، فاستخباره - صلى الله عليه وسلم - دليل على كونه ذا فضل، والله أعلم.
والثاني: غرضه بيان أن الفهم يكون مختلفًا، حتى إن ابن عمر مع صغر سنه فَهِمَ ما خفي على الكبائر، قاله السندي (١)، وقال: وليس المراد بيان فضل الفهم، إذ لا دلالة للحديث عليه.
قلت: قد بيَّنا وجه الدلالة، فللَّه الحمد، وقد تقدم في الباب السابق جواب شيخ الهند.
والثالث: غرضه بيان أنه إن فاته الفقه الذي هو أعلى، فلا يقصِّر في الطلب حتى يفوته الأدنى، وهو فهم المراد والمطلب، وجنح إليه العارف الكَنكَوهي رحمه الله تعالى.
والرابع: الترغيب في التدبر والمطالعة.
والخامس: التنبيه على طريق المطالعة بالنظر إلى المقترنات والقياس على النظائر، وهو من مخترعاتي، والله أعلم.
[(١٥ - باب الاغتباط في العلم والحكمة)]
قال الحافظ في "الفتح"(٢): فيه نظير ما ذكرنا في قوله: "بالموعظة والعلم"، لكن هذا عكس ذاك، أو من العطف التفسيري إن قلنا: إنهما مترادفان.
(١) انظر: "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٢٤). (٢) "فتح الباري" (١/ ١٦٦).