(١٤ - باب {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا. . .}[التوبة: ٥١] قضى) إلخ
فسّر "كتب" بقضى، وهو أحد معانيها، وبه جزم الطبري في تفسيرها، وقال الراغب: ويعبر بالكتابة عن القضاء الممضي كقوله: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ}[الأنفال: ٦٨] أي: فيما قدره، ومنه:{كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام: ٥٤]، انتهى من "الفتح"(١).
قال القسطلاني (٢): وجواب لولا مدلول عليه بقوله: {وَمَا كُنَّا} تقديره لولا هداية لنا موجودة لشقينا أو ما كنا مهتدين، وقد دلّت على أن المهتدي من هداه الله، وأن من لم يهده الله لم يهتد، ومذهب المعتزلة أن كل ما فعله الله في حق الأنبياء والأولياء من أنواع الهداية والإرشاد فقد فعله في حق جميع الكفار والفساق، وإنما حصل الامتياز بين المؤمن والكافر والمحق والمبطل بسعي نفسه واختيار نفسه، فكان يجب عليه أن يحمد نفسه؛ لأنه هو الذي حصل لنفسه الإيمان وهو الذي أوصل نفسه إلى درجات الجنة وخلَّصها من دركات النيران، فلما لم يحمد نفسه البتة إنما حمد الله تعالى فقط، علمنا أن الهادي ليس إلا الله تعالى، انتهى.
ثم براعة الاختتام عند الحافظ (٣): في قوله: "إذا أرادوا فتنة أبينا". وعند هذا العبد الضعيف (٤) في قوله: "يوم الخندق"، وكذا في قوله:"وثبت الأقدام. . ." إلخ، فإنه يذكر قوله:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} الآية [إبراهيم: ٢٧].