عن سعيد بن جبير وهو اختيار ابن جرير وهو أظهر في المعنى، انتهى.
قلت: وهذا الثاني هو المعنى الأخير المتقدم في كلام القسطلاني الذي نسبه إلى الأكثر.
ثم اعلم أنه اختلفت الأئمة في عدة المستحاضة فعن مالك فيه روايتان: إحداهما سنة مطلقًا، والثانية إن كانت مميزة فعدتها بالأقراء، وإلا فبالسُّنَّة، وفي مسلك الإمام أحمد تفاصيل كثيرة بسطت في "الأوجز"(١) جملتها: أنها إن كانت مميزة أو معتادة فتعتد بالأقراء، وإن كانت مبتدئة أو ناسية فعن أحمد فيها روايتان: إحداهما أن عدتها ثلاثة أشهر، والثانية تعتد سنة، وأما عندنا الحنفية فقال محمد في "موطئه": المعروف عندنا أن عدتها على أقرائها التي كانت تجلس فيما مضى، وبه نأخذ وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا، انتهى من هامش "اللامع"(٢).
(٣٩ - باب {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق: ٤])
وقال أيضًا تحت حديث الباب: وهو مخصِّص كآية الطلاق لعموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}[البقرة: ٢٣٤] ثم قال: وهذا قد أجمع عليه جمهور العلماء من السلف وأئمة الفتوى في الأمصار إلا ما روي عن علي أنها تعتد آخر الأجلين، يعني: إن وضعت قبل الأربعة الأشهر والعشر تربصت إلى انقضائها ولا تحل بمجرد الوضع، وإن انقضت المدة قبل الوضع تربصت إلى الوضع، وبه قال ابن عباس لكن روي أنه رجع عنه، انتهى.