قال الحافظ (١): في الحديث مشروعية التكبير عند رمي كل حصاة، وقد أجمعوا على أن من تركه لا يلزمه شيء، إلا الثوري فقالى: يطعم، وإن جبره بدم أحب إليَّ، وعلى الرمي بسبع وقد تقدم ما فيه، انتهى، وقال أيضًا: واستدل به على اشتراط رمي الجمرات واحدةً واحدةً لقوله: "يكبر مع كل حصاة" وخالف في ذلك عطاء وصاحبه أبو حنيفة فقالا: لو رمى السبع دفعةً واحدةً أجزأه، انتهى.
قلت: وما حكاه الحافظ من موافقة الحنفية لقول عطاء فليس بصواب، ففي "الهداية"(٢): ولو رمى بسبع حصيات جملة فهذه واحدة؛ لأن المنصوص عليه تفرق الأفعال، انتهى.
قلت: وتقدم ما قال بعضهم: إن الرمي إنما شرع حفظًا للتكبير، وإن تركه وكبَّر أجزأه، حكاه ابن جرير عن عائشة وغيرها، فيكون المقصود من الترجمة الرد عليه بأن التكبير مع الرمي لا بدونه.
قوله:(قاله ابن عمر) فيه أن الوارد في أكثر روايات ابن عمر الآتية لفظ "إثر كل حصاة" لا المعية، إلا أن يقال: إنما سيأتي بعد بابين "يكبر كلما رمى بحصاة" كالنص على المعية، ولعله هو الغرض من الترجمة من أن المعية هو المرجح، وهو مختار الأئمة الأربعة.
[(١٣٩ - باب من رمى جمرة العقبة ولم يقف. . .) إلخ]
قال الحافظ: ولا نعرف فيه خلافًا، انتهى.
قلت: ويشكل على حكاية الإجماع ما في "الحصن" برواية ابن أبي شيبة موقوفًا على الحسن البصري: ويدعو عند الجمرات كلها ولا يوقتُ شيئًا، اللهم إلا أن يقال: إنهم لم يلتفتوا إلى خلافه لشذوذه، أو يقال: إن المراد