قال القسطلاني (١): جمع عرية وهي لغة: النخلة ووزنها فعيلة، قال الجمهور: بمعنى فاعلة لأنها عريت بإعراء مالكها، أي: إفراده لها من باقي النخل فهي عارية، وقال آخرون: بمعنى مفعولة من عراه يعروه إذا أتاه لأن مالكها يعروها، أي: يأتيها، فهي معروّة، وأصلها عريوة فقلبت الواو ياءً وأدغمت، فتسمية العقد بذلك على القولين مجاز عن أصل ما عقد عليه، انتهى.
قلت: بسط في "الأوجز"(٢) في تفسير العرية لغةً وشرعًا وحكمًا، وحاصل اختلاف الأئمة في ذلك أنها رجوع الواهب في هبته بعوض عند الحنفية، وشراء الواهب هبته عند المالكية، وقال الشافعي وأحمد: إن هذا القدر، أي: خمسة أوسق مستثنى من النهي عن المزابنة فيجوز بيعه مع الواهب وغيره، كذا في هامش "اللامع"(٣)، وبسط الكلام على العرايا صاحب "الفيض"(٤) أيضًا.
[(٨٥ - باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها. . .) إلخ]
قال الحافظ (٥): ولم يجزم بحكم في المسألة لقوة الخلاف فيها، وقد اختلف في ذلك على أقوال: قيل: يبطل مطلقًا، وهو قول ابن أبي ليلى والثوري، ووهم من نقل الإجماع على البطلان، وقيل: يجوز مطلقًا ولو شرط التبقية وهو قول يزيد بن أبي حبيب، ووهم من نقل الإجماع فيه أيضًا، وقيل: إن شرط القطع لم يبطل وإلا بطل، وهو قول الشافعي وأحمد والجمهور ورواية عن مالك، وقيل: يصح إن لم يشترط التبقية والنهي فيه محمول على بيع الثمار قبل أن توجد أصلًا، وهو قول أكثر الحنفية، وقيل: