وفي "الفيض"(١): شرع في صفة الكلام، وتراجمه فيه على نحوين: الأولى: في إثبات قدم كلام الله تعالى، والثانية: في إثبات حدوث فعله الوارد عليه، فاعلم أن الكلام إما كلام نفسي أو لفظي، والأول أقرّ به الأشعري، وأنكره الحافظ ابن تيمية، إلى آخر ما ذكر من التفصيل في ذلك.
وقال الحافظ (٢) تحت الترجمة: ذكر فيه أثرًا وثلاثة أحاديث، في الحديث الأول: نداء الله جبرئيل، وفي الثاني: سؤال الله الملائكة على عكس ما وقع في الترجمة، وكأنه أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، إلى آخر ما ذكر.
قلت: وما قاله الحافظ غير واضح، بل مطابقة الحديث بالترجمة ظاهرة كما جزم به العيني والقسطلاني (٣) فتأمل.
في هامش "اللامع"(٤): هو بمنزلة النصّ على أن القرآن منزل من السماء، فلو كان مخلوقًا بلفظ {كُنْ} فأيّ فاقة إلى إنزاله؟ وفي هامش "نور الأنوار"(٥): اعلم أن نزول القرآن عليه - صلى الله عليه وسلم - عبارة عن وصوله إليه - صلى الله عليه وسلم - بواسطة ألفاظ دالة عليه بواسطة الملك، انتهى.
قال الحافظ (٦): قال ابن بطال (٧): المراد بالإنزال إفهام العباد معاني الفروض التي في القرآن وليس إنزاله له كإنزال الأجسام المخلوقة؛ لأن القرآن ليس بجسم ولا مخلوق، قال الحافظ: والكلام الثاني متفق عليه بين أهل السنة سلفًا وخلفًا، وأما الأول فهو على طريقة أهل التأويل، والمنقول عن السلف اتفاقهم على أن القرآن كلام الله غير مخلوق تلقّاه جبريل عن الله تعالى وبلغه جبريل إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - وبلغه - صلى الله عليه وسلم - إلى أمته، انتهى.