به حديث ابن عباس الذي تقدم في صفة الصلاة في توجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عكاظ واستماع الجن لقراءته، وقد أشار إليه المصنف بالآية التي صدر بها هذا الباب، انتهى.
(١٤ - باب قول الله تعالى:{وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}[البقرة: ١٦٤]. . . إلخ)
قال الحافظ (١): كأنه أشار إلى سبق خلق الملائكة والجن [على] الحيوان، أو سبق جميع ذلك على خلق آدم، والدابة لغة: ما دبَّ من الحيوان، واستثنى بعضهم الطير لقوله تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} الآية [الأنعام: ٣٨]، والأول أشهر لقوله تعالى:{مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}[هود: ٥٦]، وعرفًا: ذوات الأربع، وقيل: يختص بالفرس، وقيل: بالحمار، والمراد هنا المعنى اللغوي، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم:"أن خلق الدواب كان يوم الأربعاء"، وهو دال على أن ذلك قبل خلق آدم، انتهى.
قلت: وأجاد الإمام البخاري بالإشارة إلى الآيات في الترجمة حيث أشار بها إلى استيعاب جميع أنواع الحيوانات، فإنها ثلاثة أنواع:[الأول:] ما يسكن في الأرض من الحشرات، وأشار إليه بذكر الحيات، والثاني: ما يدبّ على الأرض، وأشار إليه بقوله:{مَا مِنْ دَابَّةٍ إلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا}[هود: ٥٦]، والثالث: ما يطير في الجو، وأشار إليه بقوله تعالى:{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ} الآية [الملك: ١٩].
وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع"(٢): لما كانت العادة جارية بأن العظيم لا ينسب إليه الحقير، وقد كانت الفلاسفة زعمت أنه تبارك وتعالى لم يخلق إلا العقل الأول، وجملة ما يتكوّن في عالم الكون والفساد فإنه