الحاجة بل شرب حتى خرج من أظفاره، فكأن المصنف أَيّد بالترجمة حديث "المشكاة"(١) برواية البيهقي عن أنس مرفوعًا: "منهومان لا يشبعان: منهوم في العلم لا يشبع منه" الحديث، وفي تقرير مولانا محمد حسن المكي: أراد بهذا الباب الفضل الجزئي، وما مرَّ كان المراد به الفضل الكلي فلا تكرار، انتهى ما في هامش "اللامع".
قوله:(يخرج في أظفاري. . .) إلخ، كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع"(٢): فيه كناية ومبالغة عن سريان العلم في دواخل بدنه حتى كاد أن يقطر، وفي الحديث دلالة على أن أخذَ العلم أخذٌ بفضلة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو الفضل الظاهر للعلم، فطابقت الرواية الترجمة، انتهى.
وبذلك جزم ابن المنيِّر (٣) كما في هامش "اللامع" وفيه: قلت: وعلى هذا فيمكن الجواب عن التكرار بأن الفضيلة في أول "كتاب العلم" كانت باعتبار رفع الدرجات، وههنا باعتبار كونه فضلة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وناهيك به لذةً وقدرًا وسرورًا، انتهى.
[(٢٣ - باب الفتيا وهو واقف على. . .) إلخ]
كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع"(٤): إنما افتقر إلى وضع باب لهذا المرام لما علم من ترك الوقوف على الدابة في قضاء حوائج نفسه كما ورد في الروايات، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر"(٥)، وأيضًا ففيه نوع إعنات للدابة، فدفعه بأن ذلك جائز لضرورة إشاعة العلم إذ لولا وقوفه على الدابة لما سمع الخطبة غير الأدنين، انتهى.