وتأتي روايات كثيرة من هذا الباب في "كتاب الاعتصام" في أواخر البخاري في "باب ما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحض على اتفاق أهل العلم وما أجمع عليه الحرمان: مكة والمدينة، وما كان بها من مشاهد النبي - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين والأنصار ومصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - والمنبر والقبر الشريف".
قال الحافظ (١): المدينة علم على البلدة المعروفة التي هاجر إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ودفن بها، وإذا أطلقت تبادر إلى الفهم أنها المراد، فإذا أريد غيرها فلا بدّ من قيد، وكان اسمها قبل ذلك يثرب، قيل: سميت بيثرب بن قانية من ولد إرم بن سام بن نوح؛ لأنه أول من نزلها، وقيل غير ذلك، ثم سمَّاها النبي - صلى الله عليه وسلم - طابة وطيبة كما سيأتي في باب مفرود، وكان سكانها العماليق، ثم نزلها طائفة من بني إسرائيل، قيل: أرسلهم موسى - عليه السلام -، ثم نزلها الأوس والخزرج لما تفرق أهل سبأ بسبب سيل العرم، انتهى من هامش "اللامع"(٢).
[(١ - باب حرم المدينة)]
كتب الشيخ في "اللامع"(٣) أي: إثبات أنها محترمة، ودلالة الرواية الثانية على هذا المعنى غير ظاهرة، إلا أن يقال: إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - هناك، وبناء المسجد فيها، إلى غير ذلك مما يدل على حرمتها، انتهى.
وفي هامشه: وبذلك جزم عامة الشرَّاح، قال العيني: باب في بيان فضل حرم المدينة، انتهى. وتبعه القسطلاني، وسكت عنه الحافظ،