وحاصله: أن شرط الإحصان في شرعنا نزل بعد هذه القضية، فالقضايا التي كانت قبلها لا ترد علينا، وكان رجمه إذ ذاك بحكم التوراة ولم يكن فيه شرط الإحصان، قلت: ويعلم من "فتح الباري" أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعمل بشريعة التوراة فيما لم ينزل فيه شرعه قبل الفتح، ثم خالف بعده إلى آخر ما قال.
(٧ - باب قوله:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ}[آل عمران: ١١٠])
قال الحافظ (١): ذكر فيه حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في تفسيرها غير مرفوع، وقد تقدم في أواخر الجهاد من وجه آخر مرفوعًا، وهو يرد قول من تعقب البخاري فقال: هذا موقوف لا معنى لإدخاله في المسند.
وقوله:(خير الناس للناس. . .) إلخ، كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع"(٢): فيه إشارة إلى أن "للناس" متعلق بقوله: {خَيْرَ} لا بقوله: {أُخْرِجَتْ} والمعنى: أنتم خير الأمم في حق الناس لا أنكم خير من أخرجت للناس من الأمم، انتهى.
وفي هامشه: قال البغوي: وقال قوم: قوله: {لِلنَّاسِ} صلة قوله: {خَيْرَ أُمَّةٍ} أي: أنتم خير أمة للناس، وقيل: قوله: {لِلنَّاسِ} صلة قوله: {أُخْرِجَتْ} معناه: ما أخرج الله للناس أمة خيرًا من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -، انتهى.
وقال الحافظ (٣): قوله: "خير الناس. . ." إلخ، أي: خير بعض الناس لبعضهم، أي: أنفعهم لهم، وإنما كان ذلك لكونهم كانوا سببًا في إسلامهم، وبهذا التقرير يندفع تعقب من زعم بأن التَّفسير المذكور ليس بصحيح، وروى ابن أبي حاتم من طريق السدّي قال: قال عمر: لو شاء الله تعالى لقال: أنتم خير أمة، وكنا كلنا، ولكن قال: كنتم، فهي خاصة