على عادته في إيثار الأخفى على الأجلى، انتهى من "الفتح"(١).
قال العيني (٢): الصدقة أعم من أن تكون من الصدقات المفروضة أو من صدقات التطوع، فعلى كل حال خيار البر عاجله، انتهى.
والظاهر عندي: أنه أشار إلى مسألة فقهية خلافية، وهي أن وجوب الزكاة على الفور أو على التراخي؟
قال الموفق (٣): وتجب الزكاة على الفور، فلا يجوز تأخير إخراجها مع القدرة عليه، إذا لم يخش ضررًا، وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: له التأخير؛ لأن الأمر بأدائها مطلق، فلا يتعين الزمن الأول لأدائها دون غيره، ولنا: أن الأمر المطلق يقتضي الفور. . .، إلى آخر ما قال. وفي "الدر المختار"(٤): وافتراضها عمري على التراخي، وقيل: فوري، وعليه الفتوى فيأثم بتأخيرها بلا عذر، انتهى.
وأما مذهب مالك، فقال الدردير: وجب تفرقتها على الفور، انتهى.
فالظاهر عندي: أن الإمام البخاري أشار إلى هذه المسألة ولم يذهب هو بنفسه إلى ذلك كما هو ظاهر قوله: "باب من أحب" كما تقدم في الأصل الثالث من أصول التراجم.
[(٢١ - باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها)]
قال الحافظ (٥): قال ابن المنيِّر: يجتمع التحريض والشفاعة في أن كلًّا منهما إيصال الراحة للمحتاج، ويفترقان في أن التحريض معناه: الترغيب بذكر ما في الصدقة من الأجر، والشفاعة فيها معنى السؤال والتقاضي للإجابة، انتهى.