للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ت: لا خلاف عندنا أنَّ المقذوف له العفو قبل بلوغ الإمام؛ لما في «الموطأ»: أنَّ صفوان بن أمية نام في المسجد وتوسد بردائه، فجاءه سارق فأخذ رداءه، فأخذ صفوان السارق، فجاء به لرسول الله ، فأمر رسول الله أن تقطع يده، فقال صفوان: إني لم أرد هذا يا رسول الله، هو عليه صدقة، فقال رسول الله : «هلا قبل أن تأتيني به» (١)، وهو يدلُّ على جواز ذلك قبل وامتناعه بعد.

قال ابن مزين: معناه: هلا تركته قبل ذلك (٢).

وفي «الموطأ»: أنَّ الزبير بن العوام لقي رجلا معه سارق، فشفع فيه، فقال له: لا، حتى أبلغ به إلى السلطان، فقال له الزبير: إذا بلغت به إلى لسلطان فلعن الله الشافع والمشفوع (٣).

وعن مالك: له العفو وإن لم يُرِد سَترا.

ومنشأ الخلاف: هل هو حق الله تعالى فيمتنع، أو للمقذوف، فيجوز كالدين.

ولم يختلف في جواز العفو إذا أراد سترا على نفسه، وذلك بأن يخاف أن يثبت ذلك عليه إن لم يعفُ، بأن يسأل الإمام عن ذلك سرًّا، فإن أُخبر أنَّ ذلك قد سمع أجاز عفوه.

والصحيح أنه من حقوق المقذوف، بدليل أنه يورث عنه.


(١) أخرجه من حديث صفوان بن أمية: أحمد في «مسنده» رقم (١٥٣١٠)، وأبو داود في «سننه» رقم (٤٣٩٤).
(٢) بتمامه عنه في «المنتقى» (٩/ ١٩٦).
(٣) أخرجه مالك في «الموطأ» رقم (١٦١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>