قال ابن القاسم: لا أحفظ عن مالك في استقبال القبلة في الجماع شيئاً، وأراه جائزاً؛ لما الرمي إنما ورد في الحديث وليس هذا مثله.
وكرهه ابن حبيب؛ لأنه استقبال القبلة بنجاسة.
وقال اللخمي: إن استتر؛ جاز في المدائن والقرى، أو انكشف؛ منع في الصحاري والقرى، ويختلف فيه في المدائن، وقد قال ﵇: إذا أتى أحدكم أهله فليستتر، ولا يتجرد تجرد العيرين.
قال سند: الظاهر مخالفته للحديث؛ لأنه مع السترة غالباً.
قلت: قوله ﵇: غربوا أو شرقوا مخصوص بالمدينة، وما والاها من جهة الشمال، واليمن وما والاها من جهة الجنوب للكعبة؛ لأن هذين القطرين إذا شرقوا أو غربوا بقيت الكعبة على أحد جنبي الجالس.
أما من كانت قبلته للشرق نحو التكرور، أو الغرب نحو بلاد السند؛ فإن الحكم ينعكس في حقهم، ويمتنع التشريق والتغريب في حقهم، ويستقبلوا الشام أو الجنوب، وأكثر أهل مصر من فقهائها لا يدري كيف يصنع بمصر؛ لأن قبلتها بين المشرق والجنوب، فيستقبل الجالس بها ما بين المغرب والجنوب، أما ما بين المشرق والشمال فيكون جهة الكعبة على جنبه، وكذلك المصلون، وعلى هذا القانون يحمل الحديث، ويعتد بالاستقبال في البلاد، وقد استوفيت هذه المباحث في كتاب الذخيرة) (١).