يقع الكلام في حقيقة النية، ووجوبها، ومحلها، ووقتها، وصفتها، فهذه خمسة أبحاث.
أما حقيقتها: فالقصد للشيء، وتخصيصه ببعض أحكامه وأوصافه؛ لقوله ﵇:«الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه»(١).
فنبه ﵇ على أن الفرق بين الهجرتين مع تساوي الصورتين بالقصد.
وأما وجوبها فالكتاب، والسنة، والمعنى.
أما الكتاب فقوله تعالى: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا﴾ [المائدة: ٦] والأمر لا يخرج عن عهدته إلا بقصد الامتثال، ولأن المعنى: اغسلوا للصلاة؛ لأنه المفهوم من هذا السياق كما تقول: إذا لقيت الأسد فتأهب، أي له، والغسل للصلاة فيه القصد لها وهي النية.
ولقوله تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [البينة: ٥] والإخلاص هو القصد إليه بالفعل، فلا يجزئ إلا ما قارنه القصد.
(١) أخرجه من حديث عمر بن الخطاب البخاري في «صحيحه» رقم (١)، ومسلم في «صحيحه» رقم (٤٩).