وقال أشهب: لا شيء له وإن قاتل (١)؛ لأن أصل خروجه لم يكن للقتال، ولأنه ممن لا يُسهم له إذا لم يقاتل، فلا يُسهم له وإن قاتل، كالعبد.
وقال ابن القصار:[إن كان](٢) أجيرًا على شيء بعينه، كخياطة ثوب، وما لا يحتاج لضرب مدة، وكانت نيته مع ذلك للجهاد، وحضر الوقيعة؛ أسهم له، قاتل أم لا، وأما أجير الخدمة فلا يُسهم له إلا أن يقاتل، وتبطل أجرته بقدر ما اشتغل.
ولا يكون سهمه لمن استأجره إن شاء، كما قال مالك في الأجير مدةً معلومةً فيؤجر نفسه في بعضها، فخيّر مستأجِرُه في أخذ ما استأجر به نفسه ويترك الأجرة له، وتسقط عنه أجرة تلك المدة؛ لأنَّ الجهاد جنس غير الذي استؤجر عليه.
والفرق: أنه إذا آجر نفسه في الجنس فقد باع ما هو مستحق عليه، [فللمؤجر](٣) أخذُ عِوضه، وغير الجنس غير مستحقّ عليه، فلا يأخذ للآخر عوضه.
ويدلُّ على أنَّ الأجير لا سهم له قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [المزمل: ٢٠]، ففرق بين الفريقين.
ص:(لا يسهم لعبد ولا امرأة، ولا يُسهم لصبي إلا أن يكون مطيقًا للقتال).
(١) «النوادر» (٣/ ١٨٨). (٢) ما بين المعقوفتين مستدرك من «التذكرة» (٥/ ٣٠٤) بمعناه، والسياق يقتضيه. (٣) في ت: (فللأجير)، والتصويب من «التذكرة» (٥/ ٣٠٥)، ولفظها: «للذي استأجره».