فمن نجسه حقيقة قال: يتيمم إذا لم يجد سواه، ومن شك فيه قال: يجمع بينه وبين التيمم نظراً لقوله ﵇: «لا يبولن أحدكم في الماء الدائم، ثم يغتسل منه»(١).
وعلته أنه ينجس بالبول، ولأن النفوس تعاف الماء اليسير إذا حلته النجاسة اليسيرة، ومبنى النجاسة على ما تعافه النفوس وتستقذره.
وأما ابن القاسم: فأطلق فيه التنجيس على التوسع لا على الحقيقة في العبارة؛ لقوله: من توضأ به أعاد في الوقت.
وقال ابن حبيب يعيد الجاهل والعامد في الوقت وبعده.
وقال عبد الملك: يتوضأ ويتيمم؛ لجواز أن يكون الماء طاهراً أو نجساً فتثبت البراءة بيقين، ويبدأ بالوضوء حتى لا يتيمم إلا عند عدم الماء.
وقال سحنون: يتيمم ويصلي ويتوضأ ويصلي؛ للشك في النجاسة، ليأمن النجاسة بتقديم التيمم في الصلاة الأولى.
ووجه الاقتصار على الوضوء: أنه ﵇ توضأ وصب وضوءه على جابر، ولم يزل الناس يلامس وضوؤهم لثيابهم وأبدانهم، ولم ينقل غسل ذلك عنهم؛ فكان إجماعاً على طهارته، ولأن الماء ينزل على أول العضو، ثم على آخره، ولم يمنع ذلك تطهيره لآخره؛ فكذلك غيره (٢).
(١) أخرجه من حديث أبي هريرة: البخاري في (صحيحه) رقم (٢٣٩). (٢) بنحوه في «التبصرة» (١/ ٢٢٥ - ٢٢٦).