كالمزني والربيع يحفون، وما أظنهم أخذوا ذلك إلا عنه، وكان أبو حنيفة وأصحابه يقولون: الإحفاء أفضل من التقصير، ونقل ابن القاسم عن مالك أن إحفاء الشارب مثلة، وأن المراد بالحديث المبالغة في أخذ الشارب حتى يبدو طرف الشفة، وقال أشهب: سألت مالكًا عمن يحفي شاربه فقال: أرى أن يوجع ضربًا، وقال الأثرم: كان أحمد يحفي إحفاء شديدًا، ونصّ على أنه من القصّ، انتهى.
وأما مذهب الحنفية فقال الحافظ (١): قال الطحاوي: الحلق مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، انتهى.
وفي "الدر المختار"(٢): وفيه - أي:"المجتبى" -: حلق الشارب بدعة، وقيل: سنة، انتهى.
قال ابن عابدين: قوله: وقيل: سُنَّة، مشى عليه في "الملتقى"، وعبارة "المجتبى" بعد ما رمز للطحاوي: حلقه سُنَّة، ونسبه إلى أبي حنيفة وصاحبيه، انتهى.
قلت: كذا نقل بعض العلماء عن الإمام الطحاوي أنه قال: الحلق مذهب الحنفية، وأصل عبارة الطحاوي في "معاني الآثار"(٣): قصّ الشارب حسن وإحفاؤه أحسن وأفضل، وهذا مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، انتهى.
وقال الطحطاوي (٤): قال الطحاوي: يستحب إحفاء الشوارب ونراه أفضل من قصّها، وفي "شرح شرعة الإسلام": قال الإمام: الإحفاء قريب من الحلق، وأما الحلق فلم يرد بل كرهه بعض العلماء ورآه بدعة، انتهى.