الأحوال حتى على النساء، نقل ذلك عن علي وابن عمر وحذيفة وأبي موسى وابن الزبير، ومن التابعين عن الحسن وابن سيرين، وقال قوم: يجوز لبسه مطلقًا وحملوا أحاديث المنع على من لبسه خيلاء أو على التنزيه.
قلت: وهذا الثاني ساقط لثبوت الوعيد على لبسه، قال القاضي عياض: إن الإجماع انعقد بعد ابن الزبير ومن وافقه على تحريم الحرير على الرجال وإباحته للنساء، واختلف في علة تحريم الحرير على رأيين مشهورين: أحدهما: الفخر والخيلاء، والثاني: لكونه ثوب رفاهية وزينة فيليق بزيّ النساء دون شهامة الرجال، ويحتمل علة ثالثة وهي التشبه بالمشركين (١)، انتهى.
قلت: وهذا الإجماع في الحرير الخالص، وأما المخلوط ففي "الهداية"(٢): ولا بأس بلبس ما سداه حرير ولحمته غير حرير كالقطن والخز في الحرب وغيره؛ لأن الصحابة - رضي الله عنهم - كانوا يلبسون الخز مسدًّى بالحرير، ولأن الثوب إنما يصير ثوبًا بالنسج، والنسج باللحمة فكانت هي المعتبرة دون السدي، انتهى.
وفي "جامع الرموز"(٣): قوله: ولحمته غيره. . . إلخ، سواء كان مغلوبًا أو مساويًا للحرير كالقطن والكتان والصوف، فإن الاعتبار لآخر الوصفين، وقيل: لا يلبس إلا إذا غلب اللحمة على الحرير، والصحيح الأولى كما في "المحيط"، انتهى.
وهذا التفصيل، أي: التفريق بين السدي واللحمة عندنا الحنفية، وأما الجمهور فالعبرة عندهم للغلبة، قال الموفق (٤): فأما المنسوج من الحرير وغيره كثوب منسوج من قطن وإبريسم أو قطن وكتّان فالحكم للأغلب منها؛ لأن الأولى مستهلك فيه، قال ابن عبد البر: مذهب ابن عباس وجماعة