بالإثمد لأنه الذي تحصل به الزينة، فأما الكحل بالتوتيا (١) ونحوه فلا بأس به لأنه لا زينة فيه، انتهى مختصرًا.
وقال النووي (٢): في حديث الباب دليل على تحريم الاكتحال على الحادة سواء احتاجت إليه أم لا، وجاء في حديث أم سلمة في "الموطأ" وغيره: "اجعليه بالليل وامسحيه بالنهار" ووجه الجمع أنها إذا لم تحتج إليه لا يحل، وإذا احتاجت لم يجز بالنهار ويجوز بالليل، انتهى مختصرًا.
وقال مالك في رواية عنه بمنعه مطلقًا، وعنه: يجوز إذا خافت على عينها بما لا طيب فيه، وبه قالت الشافعية مقيدًا بالليل، كذا في "الفتح"، قال الباجي: قال ابن المواز عن مالك: إن اكتحلت من علة وضرورة بالصبر بالليل فلتمسحه بالنهار، وقال مالك في "المختصر الصغير": لا تكتحل الحاد إلا أن تضطر فتكتحل بالليل وتمسحه بالنهار، انتهى مختصرًا من "الأوجز"(٣).
وفي "الدر المختار"(٤): وتحد بترك الكحل والحناء ولبس المعصفر والمزعفر إلا بعذر، إذ الضرورات تبيح المحظورات، قال ابن عابدين: وقيد بعض الشافعية الاكتحال للعذر بكونه ليلًا ثم تنزعه نهارًا، كما وردت في الحديث، ولم أر من قيد بذلك من علمائنا، وكأنه معلوم من قاعدة: إن الضرورة تتقدر بقدرها، لكن إن كفاها الليل أو النهار اقتصرت على الليل ولا تعكس؛ لأن الليل أخفى لزينة الكحل، وهو محمل الحديث، والله سبحانه أعلم، انتهى.
(١) التوتيا: تكون في المعادن، منها بيضاء، ومنها إلى الخضرة، ومنها إلى الصفرة مشرب بحمرة، وهي جيدة لتقوية العين، "الجامع لمفردات الأدوية" (١/ ١٤٣). (٢) "شرح صحيح مسلم" للنووي (٥/ ٢٥٥). (٣) "أوجز المسالك" (١١/ ٤٧٣ - ٤٧٥). (٤) "رد المحتار" (٥/ ٢١٨، ٢١٩).