قلت: أراد بالقوم هؤلاء: حماد بن أبي سليمان والحكم بن عتيبة وأبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا رحمهم الله تعالى، واحتجوا في ذلك بحديث أم سلمة أخرجه الطحاوي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها:"إن شئت سبَّعت عندك سبعت عندهن" وأخرجه أحمد في "مسنده" مطولًا، وأخرجه الطبراني بأطول منه، وأخرجه أبو يعلى أيضًا والبيهقي، قال الطحاوي: فلما قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن شئت سبعت لك سبعت عندهن" أي: أعدل بينهن وبينك فأجعل لكل واحدة منهم سبعًا كما أقمت عندك سبعًا، كذلك إذا جعل لها ثلاثًا جعل لكل واحدة منهن ثلاثًا.
قالت الشافعية: حديث أنس المذكور - في البخاري - حجة على الحنفية، قلت: كذلك حديث أم سلمة حجة على الشافعية، واحتجت الحنفية أيضًا بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقسم بين نسائه فيعدل" الحديث رواه الأربعة وقد مر عن قريب، فظاهره يقتضي المساواة بينهن مطلقًا، انتهى.
وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "الكوكب الدري"(١): قوله: "ثم قسم بينهما بالعدل" الرواية غير صريحة في إخراج هذه الأيام من القسمة فلا بد له من دليل، يعني: أن هذا الذي ذهبوا إليه ليس لهم حجة عليه فالصحيح أن تعتبر هذه المدة في القسم، انتهى.
وفي هامش النسخة "الهندية"(٢): قوله: "السُّنَّة إذا تزوج البكر. . ." إلخ، قال علي القاري في "المرقاة": أخذ بظاهر الشافعي، وعندنا لا فرق بين القديمة والحديثة لإطلاق الحديثين الآتيين في الفصل الثاني - أي: في "المشكاة" - وإطلاق قوله تعالى:{فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا}[النساء: ٣] وقوله: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا} وخبر الواحد لا ينسخ إطلاق الكتاب، انتهى.
وههنا مذهب ثالث حكاه الحافظ عن الأوزاعي وهو: أن للبكر ثلاث