الشيخ في "اللامع"(١): في الرواية حذف واختصار كثير حتى أخل بالمرام وأوهم خلاف المقصود، وقد مرت الرواية بتمامها، فعليها ينبغي أن تحمل ما ههنا، فقوله:"وهي تقول" ليس حالًا عن قوله: "ولجت علينا امرأة من الأنصار"؛ لأن ذلك يصير غلطًا، بل المعنى ولجت امرأة من الأنصار، فذهبت بها عائشة قبل المناصع، فبينا ذاهبة معها إذ عثرت فقامت وهي تقول: فعل الله بفلان وفعل، فقالت: إنه نمى الحديث، وغير ذلك من الاختصارات التي لا تكاد تذهب على بصير، وقوله:"كمثل يعقوب" رواية بحسب المعنى، وإلا فقد صرحت عائشة فيما تقدم أنها لم تذكر اسم يعقوب، فعبرت عنه بأبي يوسف، وبه يصح إيراد الحديث ههنا في قصة يوسف - عليه السلام -، انتهى.
ومطابقة حديث عائشة في شرح قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ. . .}[يوسف: ١١٠] إلخ، ما قال الحافظ (٢): هو وقوع الآية في سورة يوسف ودخوله هو في عموم قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إلا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ}[يوسف: ١٠٩]، وكان مقامه في السجن تلك المدة الطويلة إلى أن جاءه النصر من عند الله تعالى بعد اليأس، انتهى.
وكتب الشيخ في "اللامع"(٣): قوله: " {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ. . .} إلخ"[يوسف: ١١٠] والحاصل: أن عائشة قرأتها بالتشديد من التفعيل، وقراءة العامة بتخفيفه، فسأل عروة عن وجه القراءة ما هو؟ بالتخفيف أو التشديد؟ فقالت: كذبه قومهم، فكانوا مكذبين، فأورد عليه عروة أنه لو كان المراد ذلك لما كان لقوله:{وَظَنُّوا} معنى؛ لأنهم تيقنوا بتكذيبهم؛ لأن القوم كانوا يكذبونهم جهرة وعيانًا، فقالت عائشة: نعم استيقنوا بتكذيبهم، لكنهم غير مقصود بهذا، فإن المتيقن تكذيب المخالفين، والمظنون تكذيب الموافقين،