قلت: ولا يبعد عندي أن يقال: إن المصنف اقتطع هذه المصارف عن المصارف السابقة المذكورة في الآية لدقيقة فقهية، وهي: الفرق بين الأصناف الثمانية، وهو ما قال الموفق (١): أربعة أصناف يأخذون أخذًا مستقرًا، ولا يراعى حالهم بعد الدفع، وهم: الفقراء، والمساكين، والعاملون، والمؤلفة، فمتى أخذوها ملكوها ملكًا دائمًا مستقرًا، لا يجب عليهم ردها بحال، وأربعة منهم، وهم: الغارمون، وفي الرقاب، وفي سبيل الله، وابن السبيل، فإنهم يأخذون أخذًا مراعًى، فإن صرفوه في الجهة التي استحقوا الأخذ لأجلها، وإلا استرجع منهم، ثم ذكر وجه الفرق. . . إلى أن قال: وإن قضى هؤلاء حاجتهم بها، وفضل معهم فضل ردوا الفضل، إلا الغازي، فإن ما فضل له بعد غزوه فهو له، انتهى.
ثم قال الحافظ (٢): واختلف السلف في تفسير قوله تعالى: {وَفِي الرِّقَابِ} فقيل: المراد شراء الرقبة لتعتق، وهو رواية عن مالك وإليه مال البخاري، ورُوي عن مالك أنها في المكاتب وهو قول الشافعي والكوفيين وأكثر أهل العلم، انتهى.
قوله:{وَالْغَارِمِينَ} وفي "الفيض"(٣): الغارم المديون، بشرط أن لا يكون عنده نصاب، وعند الشافعي هو الذي تحمل غرامة، وإن كان له مال، ويعلم من كلام "البدائع" أن تفصيل الشافعية محتمل عندنا أيضًا، انتهى.
قوله:(وفي سبيل الله) قال القسطلاني (٤): أي: وللصرف في الجهاد والإنفاق على المتطوعة به ولو كانوا أغنياء لقوله - عليه السلام -: "لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله"، وخصه أبو حنيفة بالمحتاج، وعن أحمد: الحج من سبيل الله، انتهى.