فإن قال لرجل ذميم الوجه: كأنه منكر ونكير، أو قال لرجلٍ عبوس: كأنه وجه مالك خازن النار، وأراد العيب؛ يُعاقب؛ لأنه ليس بصريح، وإنما صريح بالمخاطَب، فإن قصَدَ ذمَّ المَلَك؛ قُتِل.
والمشهور من مذهب مالك وأصحابه وقول السلف وجمهور العلماء: أنَّ من سب النبي ﷺ قُتِل حدا لا كفرًا إن أظهر التوبة منه، ولهذا لا تقبل عندهم توبته، وحكمه حكم الزنديق، وسواء كانت توبته بعد القدرة عليه أو الشهادة عليه، أو جاء تائبا من نفسه؛ لأنه حَدٌّ وجب عليه لا تُسقطه التوبة؛ كسائر الحدود.
واختلف في الزنديق يجيء تائبا، فهل تقبل توبته؛ لأنه لما جاء دلّ على صدقه، أو لا تقبل توبته ويُقتل؛ لاحتمال أنه إنما جاء خوفًا أن يُظهر عليه؟ قولان.
والفرق بينه وبين ساب النبي ﷺ على المشهور في استتابته: أنَّ النبيَّ ﷺ بشر، والبشر تلحقه المعرَّة، إلا من أكرمه الله تعالى بنبوته، والله تعالى منزه عن النقائص عقلاً، فتقبل توبة المرتد لذلك.
ولأن الردة حق للآدمي (١)، والقتل في سبّ النبي ﷺ حد كالمقذوف، فإِنَّ التوبة لا تُسقطه.
ومال الساب المسلم إذا قُتِل:
قال سحنون: للمسلمين؛ لأنَّ السب كفر؛ كالزنديق.
وقال أصبغ: لورثته من المسلمين إن كان مستترا، وإن كان مظهرا فللمسلمين.