وقيل: يُعتبر القوة والجَلَد (١)؛ لأنه المقصود والمعوّل عليه، والأول أظهر، وهذا إذا علمت القوة والجَلَد، فإن جُهل اعتبر العدد.
قال ابن رشد: الفرار من الزحف عند حصول الضعف - في العدد أو القوة على القولين - من أكبر الكبائر عند مالك وأصحابه.
ولا يَحِلُّ الفرار وإن فرَّ إمامهم، وهذا ما لم يبلغ عدد المسلمين اثني عشر ألفًا، فيحرم الفرار وإن زاد العدو على الضعف؛ لقوله ﵇:«ولن يُغلب اثنا عشر ألفا من قلة»(٢).
ولا تجوز المهادنة إلا لضرورة تدعو [إليها، والقتال](٣) واجب، ولا يُترك إلا بإجابتهم إلى الإسلام أو بذل الجزية لنا في دارنا (٤)؛ لقوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ [التوبة: ٥]، وقال الله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾، إلى قوله تعالى: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [التوبة: ٢٩]، وإنما اشترطناه أن تكون في ديارنا لنأخذها على وجه الذل والصغار.
ص:(لا يلزم النساء، ولا العبيد، ولا الصبيان).
ت: في البخاري: قالت عائشة ﵂: استأذنتُ رسول الله ﷺ في الجهاد،
(١) هذا قول ابن الماجشون، نقله عنه في «النوادر» (٣/٥٠). (٢) أخرجه من حديث ابن عباس: أحمد في «مسنده» رقم (٢٦٨٢)، وأبو داود في «سننه» رقم (٢٦١١). (٣) خرم في الأصل قدر بكلمتين، والمثبت من «التذكرة» (٥/ ٢٧١). (٤) بنصه في «المعونة» (١/ ٣٩٢).