قول:«هَلْ تَجَالَسُونَ؟، قَالُوا: لَيْسَ نُتْرَكُ ذَاكَ» هذا حرص من ابن مسعود -رضي الله عنه- على المجالسة، والمراد مذاكرة العلم ومدارسة مسائله، على نحو ما اقدم من الحث على تعلم العلم ومجالسة العلماء.
قول:«قَالَ: فَهَلْ تَزَاوَرُونَ؟، قَالُوا: نَعَمْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنَّ الرَّجُلَ مِنَّا لَيَفْقِدُ أَخَاهُ فَيَمْشِي فِي طَلَبِهِ إِلَى أَقْصَى الْكُوفَةِ حَتَّى يَلْقَاهُ» هذا حث على التزاور لغرضين: الصلة والمودة في الله -عز وجل-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من عاد مريضا أو زار أخا له في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة منزلا»(١)، وإن كان المزور ذا رحم فالزيارة آكد، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»(٢).
والغرض الثاني طلب العلم ومدارسته، وهذا مقصد نبيل، وسعي مشكور، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها رضا لطالب العلم، وإن العالم ليستغفر له من في السموات، ومن في الأرض، والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد، كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا، ولا درهما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر»(٣).