قال عمر -رضي الله عنه-: " استأثرت بهذه الأموال أي عدو الله وعدو كتابه؟ " فقال ابو هريرة -رضي الله عنه-: " لست بعدو الله، ولا عدو كتابه، ولكن عدو من عاداهما " فقال عمر -رضي الله عنه-: " فمن أين هي لك؟ " قال: " خيل نتجت، وغلة ورقيق لي، وأعطية تتابعت عليّ " فنظروا فوجدوه كما قال.
فلما كان بعد ذلك دعاه عمر ليستعمله فأبى أن يعمل له، فقال له عمر -رضي الله عنه-: " تكره العمل وقد طلبه من كان خيرا منك؟ طلبه يوسف -عليه السلام- " فقال: " إن يوسف نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة، وأخشى ثلاثا واثنين " قال عمر: "فهلا قلت خمسة؟ قال: أخشى أن أقول بغير علم، وأقضي بغير حلم، أو يضرب ظهري، وينزع مالي، ويشتم عرضي. ". وفي رواية لا أظنها صحيحة أن عمر -رضي الله عنه- غرّمه اثني عشر ألفا، لذلك امتنع أبو هريرة، ولا أظن ثبوت هذه الرواية؛ فلو ثبت عند عمر -رضي الله عنه- ما يؤاخذ عليه أبو هريرة -رضي الله عنه- ما عاد عمر -رضي الله عنه- لتوليته مرة أخرى، وهذا برهان قوي على عدم صحة هذه الرواية؛ لأن عمر اشتد على أبي هريرة لمجرد تهمة فقال له:" أي عدو الله وعدو كتابه؟ " فلو ثبتت التهمة لكان الموقف أشد (١).
قال الدارمي رحمه الله تعالى:
٤٣٤ - باب لِيَرْجِعِ الْمُصَدِّقُ عَنْكُمْ وَهُوَ رَاضٍ
عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ، وهُشَيْمٌ، هو ابن بُشير، ودَاوُدُ، هو ابن أبي هند، وَمُجَالِدٌ، هو ابن سعيد الهمداني، مقبول ولذلك قرن بداود، والشَّعْبِيُّ، هم أئمة ثقات تقدموا، وجَرِيرٌ، هو البجلي، -رضي الله عنه-.
(١) انظر كتابي الجوس في المنسوب إلى دوس (ص: ١٢٥). (٢) فيه عنعنة هشيم، وأخرجه والترمذي حديث (٦٤٧، ٦٤٨) وقال: حديث داود أصح من حديث مجالد … ، وأبو داود حديث (١٥٨٩) والنسائي حديث (٢٤٦١) وصححه الألباني عندهما.