فاختلف الشراح في مسألة «المدونة»؛ لأنَّه لم يُفصل فيها [كما](١) فصل ابن الجلاب، قال: إن خاف من سبع أو غيره؛ صلَّى حيثما توجهت به راحلته، فإن أمِنَ؛ أحبُّ أن يعيد؛ بخلاف العدو (٢).
قال سند: يحتمل أن يكون هذا على أحد القولين فيمن صلَّى ثم زال عذره أنه يعيد؛ لأنَّ الإيماء لا ركوع فيه ولا سجود، فكثر الخلل واستثنى صلاة العدو لما فيها من إظهار فضيلة الجهاد ترغيباً فيه.
وقال الباجي: إنَّما فرق؛ لأنَّ خوف هؤلاء غير متيقن؛ بخلاف العدو، ولو استوى تيقنهما أو ظنهما استوى حكمهما (٣).
وقال عبد الحق: إنَّما فرق؛ لأنَّ العدو مراده النفوس، واللصوص في الغالب مرادهم المال، وحرمة النفوس أعلى، والعدو يقاتل تديناً، ويرى نفسه [صواباً](٤)، فالخوف منه أشدُّ، واللصوص تعتقد فساد ما اعتمدته، والسباع ربما ذهبت ونفرت، وربما انحرف عنها فلا [تتبعه](٥)، والعدو يتبعه.
(١) زيادة يقتضيها الأصل، ثابتة في «التذكرة» (٢/ ٢٢١). (٢) انظر: «المدونة» (١/ ٨٠). (٣) «المنتقى» (٢/ ٣٧٠). (٤) في الأصل: (مصلياً)، والمثبت أولى بسياق الكلام، وهو لفظ «التذكرة» (٢/ ٢٢٢). (٥) في الأصل: (يتبعه)، والمثبت أقرب للسياق، وهو لفظ «التذكرة» (٢/ ٢٢٢).