وكانت عائشة ﵂ تَنْتَبِذُ لرسول الله ﷺ في جِرَارٍ خُضرٍ.
وإذا قُلْنَا بالمنع:
قال ابنُ المواز: لا يَشْرب ما يُنْتَبَذُ فيها.
وقال: يُؤدَّبُ فيه وفي الخليطين (١).
وقال عبد الوهاب: إنْ سَلِمَ من الشدَّة فلا بأْس (٢).
قلت: يحتاج الفقيه [معرفة الفرق](٣) بين المسكرات والمرقدات والمفسدات، فإنَّ أحكامها تختلف في ثلاثة: الحدُّ، والنجاسة، وتحريم القليل، وهي خاصَّةٌ بالمسكرات، والأخيران لا حدَّ فيهما، وهما طاهران، يباح قليلهما.
فالمُسكِر: ما غيَّب العقل دون الحواس، مع نشوة وفرح وقوة النفس وتشجيعها، كقول الشاعر:
ونشربها فتتركنا ملوكًا … وأُسدًا لا يُنَهْنِهُنَا اللقاءُ
والمرقد ما غيَّب العقل والحواس كالأفيون [والسيكران](٤).
والمفسد: ما غيَّب العقل دون الحواس بغير نشوة وقوة، كعسل البلاذر.
واختلف أهل العصر في الحشيشة التي هي ورق القنب: هل هي مسكرة، فتوجب الحدَّ وبُطلان الصلاة إذا صلى حاملها، أو مفسدة يُعَزَّر فيها؟ وهو رأيي،
(١) «النوادر» (١٤/ ٣٠٤). (٢) «المعونة» (١/ ٤٧٢). (٣) ما بين المعقوفتين زيادة يقتضيها السياق. وانظر القاعدة في الفروق (١/ ٢١٥). (٤) في الأصل: (والريكران)، والتصويب من الفروق (١/ ٢١٥).