تجوزا في الظرف فجعلوه اسماً كما قال تعالى:{مجمْعَ بَيْنِهِمَا}(١)، و {مِنْ بَيْنِنَا وبَيْنِكَ حِجَابٌ}(٢)، و {ذاتَ بينكم}(٣).
قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله: معناه وصلكم.
فإن قيل: كيف يكون بمعنى الوصل على قوله وهو للفرقة؟ قيل: لما كثر استعماله طرفاً بين الشيئين وبينهما ملابسة ومخالطة صار لذلك بمنزلة الوصلة فاتسع في استعماله فيها.
وقال بعض العلماء: هو على إسناد الفعل إلى الظرف، كما نقول: قوتل خلفُكم وأمامُكم، والنصب بمعنى وقع التقطع بينكم، كما تقول: جُمِع بين الشيئين تريد أُوقِع الجمع بينهما على إسناد الفعل إلى مصدره بهذا التأويل.
ابن الأعرابي: لقد تقطع الذي كان بينكم.
أبو إسحاق (٤): لقد تقطع ما كنتم فيه من الشركة بينكم.
الفرَّاء في قراءة عبد الله:(ما بينكم)، قال (٥): «وهو وجه الكلام إذا جعل الفعل ليبين ترك نصباً، كما قالوا: أتاني دونك من الرجال فترك نصباً وهو في موضع الرفع، لأنه صفة، فإذا قالوا: هذا دونٌ من الرجال رفعوه، وهو في موضع الرفع، وكذلك تقول بين الرجلين بين بعيد وبون بعيد إذا أفردته أجريته بالعربية»
(١) الآية ٦١ من سورة الكهف. (٢) لآية ٥ من سورة فصلت. (٣) الآية ١ من سورة الأنفال. (٤) معاني القرآن للزجاج ٢/ ٢٧٣. (٥) معاني القرآن للفراء ١/ ٣٤٥.