قال الأخفش والكسائي والفرَّاء: القِيَم والقيام والقِوام واحد (١)، وقال البصريون: قِيم جمع قِيمةٍ كدِيمةٍ ودِيم، قال أبو علي (٢): "وليس ذلك بشيء بدليل قوله: {ديناً قيماً}(٣)، ألا ترى أنَّ الدين لا يوصف بذلك وإنما هو مصدر يعني القيام الذي يراد به الثبات والدوام كما أنشد أبو زيد (٤):
إني إذا لم يُندِ حلقاً ريقُهُ … وثبت السبُّ وقامت سُوقه
ومنه {ويُقِيمُون الصَّلاوة}(٥) ".
قال الآخرون: «لو كان مفرداً لما اعتل كالعوَر والحوَل والعِوَض لأنه على غير مثال الفعل والأسماء الثلاثية المجردة إنما يُعلُّ منها ما جاء على مثاله نحو: رجل مال، وباب،/ ودار.
والجواب: أنه اتبع فعله فأُعِلَّ لأنه مصدر بمعنى القيام فكأنه بُني على قام قيماً فلما اعتلَّ (قام) اعتلَّ هو أيضاً.
وحكى الأخفش:«قِوَماً وقِيمَاً» قال: والقياس تصحيح الواو، وإنما انقلبت ياءً على وجه الشذوذ كقولهم: ثيرة، وقول بني ضبة: طِيَال في جمع طويل، وقالوا: جميعاً جياد في جمع جواد.
قال أبو علي (٦): وإذا قالوا: دِيَم في جمع ديمة فأعلَّوا الجمع لاعتلال الواحد فإعلال المصدر لاعتلال فعله أولى، ألا ترى أنهم قالوا: معيشة
(١) لم أجد في كتابيهما وانظر لسان العرب (قوم) ١٥/ ٤٠١. (٢) الحجة ٣/ ١٣٠. (٣) الآية ١٦١ من سورة الأنعام. (٤) انظر لسان العرب (سوق) ١٢/ ٣٣، والمخصص لابن سيدة ١٧/ ٢١. (٥) الآية ٣ من سورة البقرة. (٦) الحجة ٣/ ١٣٠.