قوله:«كلَّ سَاكنٍ» أي: كل حرف ساكن، فإن قلت: التنوين ليس بحرف وتنقل إليه الحركة نحو {كُفُوَاً أحَد}(١)؛ قلت: هو حرف، والدليل على ذلك تحريكه إذا وافق ساكناً كقوله:{رَحِيمَاً النَّبي}(٢) وحذفه للساكنين أيضاً كقوله: {وقَالت اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ}(٣) وإنما لم ترسم له صورة لئلا يشتبه بالنون الأصلية التي من نفس الكلمة.
وقوله:«آخر» أي: في آخر كلمة، ولا يلزم عليه لام التعريف لأنها وإن اتصلت فهي منفصلة في الأصل، ولهذا تقول العرب: رأت أل، ثم تتذكر فتقول: الكتاب، فالألف مع اللام بمنزلة قد في أنها كلمة منفصلة.
تقول: قد، فتقف عليها حتى تتذكر ما بعدها، فإن توهمت بعدها ألف وصلٍ قلت: قَدِ؛ تقدر: قدِ انطلقت، وكذلك يقولون: جاءني الـ يريدون الإنسان على نقل الحركة فيفصلون كالمنفصل من الحروف.
ومنه قول الراجز:
دع ذا وعجِّل ذا وألحقنا بذل … ....................
فوقف عليها، ثم قال وكررها وحرف الخفض الذي معها:
.................... … بالشَّحم إنا قد مَلِلنَاهُ بَجَلْ (٤)
(١) الآية (٤) من سورة الإخلاص. (٢) الآية (٣٣) من سورة الأحزاب. (٣) الآية (٣٠) من سورة التوبة. (٤) البيت: دع ذا وعجِّل ذا وألحقنا بِذَلْ بالشحم إنا قد مَلِلْنَاه بَجَلْ البيت لغيلان بن حريث وهو في الكتاب ٣/ ٣٢٥، والمقتضب للمبرد ١/ ٨٤، و الخصائص لابن جني ١/ ٢٩١.