الهاء في «فيه» تعود على آتينا لأنه معه كأنه يقول في هذا الكلام فيكون كسرُ (لما) مبتدأ، و (فيه) الخبر أي: مستقر فيه، أوكائن فيه، وإن شئت أعدت الهاء على الكسر وقَدَّرْت الخبر محذوفاً لأنه معلومٌ أي: فيه كلام.
ومعنى القراءة بكسر اللام أنَّ الله أخذ الميثاق عليهم للذي آتاهم كما تقول: أخذت الميثاق على زيدٍ لعمرو لأنَّ من توفية حق الذي آتاهم من العلم أن يبينوه للناس فكان الميثاق له، أو يكون أخذ الميثاق للذي آتاهم أي: من أجله لأنَّ العلماء هم الذين يؤخذ عليهم ذلك من أجل ما لديهم من العلم.
وعلى (١) فتح اللام تكون لام الابتداء أي: الذي آتيتكم من كتابٍ وحكمةٍ والخبر لتؤمنن به، ويجوز أن تكون اللام في (لما) جواباً للقسم، لأنَّ أخذ الميثاق في معنى القسم كما تقول: لَزيدٌ قائمٌ، ويجوز أن تكون اللام توطئةً للقسم، وما شرطية في موضع نصب بآتيتكم، وجاءكم عطف على آتيتكم، واللام في لتؤمنن لام القسم.
وقوله:«وبالغيب يرجعون عاد» أي: عاد على ما قبله لأنه قرأ قبله {يَبْغُون}(٢)، والغيب في يبغون راجعٌ إلى قوله:{فَأُولَئِك هُمْ الفَاسِقُون}(٣) فهو حكايةٌ عنهم، ففي يبغون بالغيب عوَّل حاكيه أي: على حاكيه أي: عُوِّل في معناه على الحكاية، والخطاب فيهما أن يكون لمن خوطب في أأقررتم وأخذتم، أو يكون استئنافَ خطابٍ على معنى قل: لهم
(١) قرأ حمزة بكسر اللام في (لما آتيتكم). (٢) الآية ٨٣ من سورة آل عمران. (٣) الآية ٨٢ من سورة آل عمران.