بذلك إلى طعنِ مَنْ طَعَنَ على هذه القراءة كقول ابن الأنباري: لا يحتمل أن يكون معناه غير ماجئتم بالمعروف من المجيء، قال: وليست في هذا الموضع حسنةً فدارَ وجهُهُ على ما قدَّمته مُبَجَّلاً عن مثل هذا الطعن.
قدْرٌ وقدَرٌ لغتان بمعنىً واحدٍ كما قال تعالى:{أودِيةٌ بِقَدَرِها}(١)، و {إنَّا كلَّ شَيءٍ خَلَقْنَاه بِقَدَرٍ}(٢)، وقال سبحانه:{قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شِيءٍ قَدْرَاً}(٣).
وقيل: الساكن من هذا الباب مصدر والمتحرك اسمٌ كالعدِّ والعدد قال الله تعالى {إنما نَعُدُّ لهمْ عَدَّاً}(٤)، وقال في الاسم:{سِنِين عَدَدَاً}(٥)، وكذلك {فليمدُد له الرحمان مَدّاً}(٦)، {ولو جِئْنَا بمثْلِهِ مَدَدَا}(٧).
فكان القدْر بالتسكين الوسع يقال: هو ينفق على قَدْرِه أي: على وُسْعه؛ قال أبو جعفر: وأكثر ما يستعمل القدَر بالتحريك للشيء إذا كان مساوياً للشيء يقال: هذا على قدَر هذا، والذي عليه أكثر أئمة العربية أنهما لغتان.
وتماسُّوهن بمعنى تَمَسوهن (٨) كما يقال: داويت العليل، وعاقبت زيداً وطارقْتُ النعل وذلك في القرآن ثلاثة: موضعان هنا، وفي الأحزاب موضع.
(١) الآية ١٧ من سورة الرعد. (٢) الآية ٤٩ من سورة القمر. (٣) الآية ٣ من سورة الطلاق. (٤) الآية ٨٤ من سورة مريم. (٥) الآية ١١ من سورة الكهف. (٦) الآية ٧٥ من سورة مريم. (٧) الآية ١٠٩ من سورة الكهف. (٨) انظر: الحجة ٢/ ٣٣٦.