وقد قال أبو علي (١): إنَّ هذه القراءة ليست بجيدة في العربية وإن كَثُرَت، قال وذلك أنَّ الخمط ليس بوصفٍ، إنما هو اسم، والبدل ليس بالسهل أيضاً، لأنه ليس هو هوَ ولا هو بعضه/ لأنَّ الجنى من الشجرة، وليست الشجرة من الجنى، فيكون إجراؤه عليه على وجه العطفِ عطفِ البيان، كأنه بيَّنَ أنَّ الجنا لهذا الشجر، ومنه، قال: وكأنَّ الذي حسَّن ذلك أنهم استعملوا هذه الكلمة استعمال الصفة قال (٢):
عُقارٌ كماءِ النِّيء ليست بخمطةٍ … ولا خَلَّةٍ يَكْوِي الشُّرُوبَ شِهَابُهَا
واستخرج الزمخشري (٣) من هذا وجهاً، فقال: وصف الأكل بالخمط كأنه قال: ذواتي أكل بشع، وقال أيضاً: الأصل ذواتي أكلٍ أكلِ خمط فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
قد نبهت فيما سبق (٤) على أنه يجعل العالم لواءً لشهرته، وكونه مُتَّبَعاً ونجماً لأنه يُهتدى به، وقوله:«وحق لواً» من ذلك، و (باعد)، و (بَعَّد) سواء كقولهم: جارية مُنَاعَمَةٌ ومُنَعَّمَةٌ، و {صَدَّقَ عَلَيْهِم إِبْلِيسُ ظَنَّهُ}(٥) ألْفَاه صادقاً، أوحقق عليهم ظنَّه، فالتخفيف بمعنى صدَق في ظنِّه، أو صدَّق بظنٍ ظنَّهُ، وهو قوله:{لأَغْوِينَّهم}(٦) إنما قال ذلك ظنّاً.
(١) الحجة ٦/ ١٥. (٢) البيت لأبي ذؤيب الهذلي، انظر ديوان الهذليين ص ٤٥، وتفسير القرطبي ١٤/ ٢٨٧. (٣) الكشاف ٢/ ٥٥٨. (٤) ص ٣٤٨. (٥) الآية ٢٠ من سورة سبأ. (٦) الآية ٣٩ من سورة الحجر وغيرها.