كلُّ مُفْتَتِحٍ أمراً قائلاً: بسم الله مضمِراً بدأت، فَأظْهَرَه هاهنا، وإنما يحذف اختصاراً كما تقول:«الطريقَ» لِمَنْ حال بينك وبينه، أي: خلِّ عنه.
وقال قوم: الفعل المضمر مما يفتتح، فالقائم القائل بسم الله، أراد تعين لفظها، فأدخل على الباء باءً حرصاً على الإتيان بها، ولو قال: بدأت بسم الله لم يحصل (١) هذا المعنى، فصارت الباء الثانية، كأنها من نفس الكلمة، وهي مع الكلمة مجرورة بالباء الزائدة، ونُقل عن بعض العرب: بدأت بسم الله، وأبدأ بأن بسم الله لما ذكرته، وهذا بَيِّنٌ/ كقول الشاعر:
فلا والله لا يُلْفَى لِمَا بِي … ولا لِلما بهم أبداً دواء (٢)
ونصب «أولا» على الصفة أراد نظماً أولاً لأنه لم يسبق في هذا الباب إليه، أو على الظرف على أنه تام (٣)، كقولك: أبدأ به أولاً، وكقوله:
(١) قوله: [يحصل] في (ف) [يحمل]. (٢) الشاهد أن اللام الثانية في قوله: [للما] مؤكدة للام الأولى، وهذا البيت من قصيدة لمسلم بن معبد الوالبي. معاني القرآن للفراء ١/ ٦٨ - خزانة الأدب ٢/ ٢٦٧ (٣) أي: من غير أن ينوي بعده مضافاً إليه محذوفاً. (٤) البيت لعبد الله بن يعرب، وهو في شرح ابن يعيش ٤/ ٨٨، والهمع ١/ ٢١٠ وقد روي هذا البيت [بالماء القراح] هنا، وأورده ابن هشام في شواهده [بالماء الفرات] برقم (٤٧).