وروى جابر بن عبدالله -رضي الله عنه- أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«لا تمنُّوا الموت، فإنَّ هول المطلع شديدٌ، وإنَّ من السعادة أن يطول عمر العبد حتى يرزقه الله الإنابة»(١).
وقال عليٌ -عليه السلام-: بقية عمر المؤمن لا ثمن لها يدرك بها ما فات، ويحي ما أمات ونظمه بعضهم فقال:
بقية العمر عندي مالها ثمن … وإن غدا غير محمود من الزمن
يستدرك المرء فيه ما أفات ويُحْ … يي ما أمات ويمحو السوء بالحسن
و «الدنيا»: يعني بها الدنية من حيث اتصفت مبدأً ومآلاً كما قيل (٢):
ما بال مَنْ أولُهُ نطفةٌ … وجيفةٌ آخرُهُ يفخرُ
و «بأنفاسها»: أي: بأرواح طيبها التي هي علاً في المبدأ والمآل، قال الله تعالى معلماً بمنزلة من اتصف بها ونافس بها:{إنَّ الذِّينَ قَالُوا ربَّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا}(٣) إلى آخره.
نبَّه بهذا الدعاء على ما ينبغي من دعاء الخلف للسلف، وعلى ما يلزم من استشعار فضلهم، وإخلاص الحب لهم، وأنَّ الدعاء ثمرة الحب، وقد سأل سائلٌ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الساعة، فقال: «ما أعددت لها؟ فقال: لم أعدَّ لها كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة إلا أني أحب الله ورسوله، فقال: المرء
(١) رواه أحمد في مسنده انظر مجمع الزوائد ٩/ ٢٠٣. (٢) لم يعرف قائله وهو في الكامل لأبي العباس المبرد ١/ ٣٥٨. (٣) الآية ٣٠ من سورة فصلت.