ومَنْ قرأ بالتخفيف احتجَّ لما اختاره بأنَّ بعده تدرسون، واحتج مَنْ شَدَّد بأنَّ المعلم عالم، وله أن يقول: تدرسون تتعلمون إذا قلنا: إنَّ الرباني هو المنسوب إلى الرَّب أي: بما كنتم تُعَلِّمُون وتتعلَّمون، لأنَّ الدارس قد يكون المتعلم.
قوله:«روحه سما» لظهور معنى القراءة وهو على القَطْع أي: ولا يأمركم الله، وقال الأخفش وهو لا يأمركم فأعاده على ما تقدَّمه، وقراءة النصب معناها ولا أن يأمركم فحذف (أن) وهي منويَّةٌ.
قال سيبويه (١): «المعنى وما كان لبشر أن يأمركم».
«وبالتاء آتينا» أي: في موضع النون وهي تاءٌ مضمومة، وقوله:«خُوِّلا» معناه مُلْك يقال: خَوَّلك الله كذا أي: مَلَّكَكَ لأنَّ أكثر القرَّاء على أتيتكم لقوله: {ولقدْ أَخَذَ الله}(٢) والقراءتان بمعنىً واحدٍ، والكل حقٌّ منزَّلٌ من عند الله لا معنىً لاختيار مختارٍ في ذلك.
ومعنى آتيناكم التعظيم والتفخيم كما قال تعالى:{ولقَدْ آتَيْنَا مُوسَى}(٣)، {وآتَيْنَا بني إِسْرَاءِيل}(٤)، {وآتَيْنَاهُم مُلْكَاً}(٥)، {وجَاوَزْنا ببني إسْرَاءِيل}(٦) وهو في القرآن كثير.
(١) الكتاب ٣/ ٥٢. (٢) الآية ١٢ من سورة المائدة. (٣) الآية ٨٧ من سورة البقرة. (٤) الآية ١٦ من سورة الجاثية. (٥) الآية ٥٤ من سورة النساء. (٦) الآية ١٣٨ من سورة الأعراف.