وقد قالوا: شِعِيرٌ ورِغيفٌ، وقد قالوا في تصغير بيتٍ:/ بِيَيْت، ولم يقولوا: فِلَيس وما ذاك إلا لأنهم كَرِهوا الخروج من ضمٍّ إلى ياءٍ.
وقوله:«يُضَمُّ عن حمى جلة» يُشير به إلى نصرتهم لقراءة الضمِّ، وقول أبي حاتمٍ والنحاس (١) وغيرهما: لا يجوز غير الضم، وقد سبق الجواب، وكذلك القول في الغُيُوب والجُيُوب، والعُيُون، وشِيُوخاً.
«شاع» اشتهر، «وانجلا» انكشف أي: لا تبدؤهم بقتلٍ حتى يبدؤكم فإن قتلوكم أي: قتلوا بعضكم كما قال (٢):
سَقَيْنَاهم كأساً سقونا بمثلها … ولكنهم كانوا على الموتِ أصْبَرَا
ولا تقاتلوهم معناه أيضاً لا تبدؤهم حتى يبدؤكم.
وقد غَفَل مَنْ قال: هذه القراءة قياس على قوله: {وقَاتِلُوا في سَبيلِ الله الذِّين يُقَتِلونَكم}(٣)، {وقَتِلُوهم حَتَّى لا تكونَ فِتْنَةٌ}(٤)، {ومَن يُقَتِل في سَبِيلِ الله}(٥) إلى نظائر ذلك في القرآن لأنَّ القراءة لا يقاس منها موضعٌ على موضعٍ وإنما ثبتت نقلاً، وقد ردَّ فيما حكوْا أبو العباس المبرِّد قراءةَ القصر، وقال: لأنَّ المعنى يصير لا تقتلوهم ولا تقاتلوهم حتى يقتلوا منكم؛
(١) إعراب القرآن لأبي جعفر النحاس ١/ ٢٩١. (٢) البيت للنابغة الجعدي، وهو في ديوانه ٧٣، أو زفر بن الحارث وهو في الحماسة ١/ ٩٧، والهمع ٢/ ١٠٤. (٣) الآية ١٩٠ من سورة البقرة. (٤) الآية ١٩٣ من سورة البقرة. (٥) الآية ٧٤ من سورة النساء.